بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا ١
نسخ
مشاركة
التفسير
وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا ١
تفسير سورة المرسلات وهي مكية .
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، [ حدثنا أبي ] ، حدثنا الأعمش ، حدثني إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم ، في غار بمنى ، إذ نزلت عليه : " والمرسلات " فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه ، وإن فاه لرطب بها ، إذ وثبت علينا حية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اقتلوها " ، فابتدرناها فذهبت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وقيت شركم كما وقيتم شرها " .
وأخرجه مسلم أيضا ، من طريق الأعمش .
وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ، عن أمه : أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفا .
وفي رواية مالك ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس : أن أم الفضل سمعته يقرأ : " والمرسلات عرفا " ، فقالت : يا بني ، ذكرتني بقراءتك هذه السورة ، أنها لآخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب .
أخرجاه في الصحيحين ، من طريق مالك ، به .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا زكريا بن سهل المروزي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، أخبرنا الحسين بن واقد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : ( والمرسلات عرفا ) قال : الملائكة .
قال : وروي عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد - في إحدى الروايات - والسدي والربيع بن أنس ، مثل ذلك .
وروي عن أبي صالح أنه قال : هي الرسل . وفي رواية عنه : أنها الملائكة . وهكذا قال أبو صالح في " العاصفات " و " الناشرات " [ و " الفارقات " ] و " الملقيات " : أنها الملائكة .
وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا ١
سورة المرسلات
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس وقتادة إلا آية منها ، وهي قوله تعالى : وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون مدنية . وقال ابن مسعود : نزلت والمرسلات عرفا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ونحن معه نسير ، حتى أوينا إلى غار بمنى فنزلت ، فبينا نحن نتلقاها منه ، وإن فاه لرطب بها إذ وثبت حية ، فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وقيتم شرها كما وقيت شركم " . وعن كريب مولى ابن عباس قال : قرأت سورة والمرسلات عرفا فسمعتني أم الفضل امرأة العباس ، فبكت وقالت : والله يا بني لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في صلاة المغرب . والله أعلم . وهي خمسون آية .
بسم الله الرحمن الرحيم
والمرسلات عرفا
قوله تعالى : والمرسلات عرفا جمهور المفسرين على أن المرسلات الرياح . وروى مسروق عن عبد الله قال : هي الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه والخبر والوحي . وهو قول أبي هريرة ومقاتل وأبي صالح والكلبي .
وقيل : هم الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله ; قاله ابن عباس . وقال أبو صالح : إنهم الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات . وعن ابن عباس وابن مسعود : أنها الرياح ; كما قال تعالى : وأرسلنا الرياح . وقال : وهو الذي يرسل الرياح . ومعنى عرفا يتبع بعضها بعضا كعرف الفرس ; تقول العرب : الناس إلى فلان عرف واحد : إذا توجهوا إليه فأكثروا . وهو نصب على الحال من والمرسلات أي والرياح التي أرسلت متتابعة . ويجوز أن تكون مصدرا أي تباعا . ويجوز أن يكون النصب على تقدير حرف الجر ، كأنه قال : والمرسلات بالعرف ، والمراد الملائكة أو الملائكة والرسل . وقيل : يحتمل أن يكون المراد بالمرسلات السحاب ، لما فيها من نعمة ونقمة ، عارفة بما أرسلت فيه ومن أرسلت إليه . وقيل : إنها الزواجر والمواعظ . و ( عرفا ) على هذا التأويل متتابعات كعرف الفرس ; قاله ابن مسعود . وقيل : جاريات ; قاله الحسن يعني في القلوب . وقيل : معروفات في العقول .
وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا ١
أقسم تعالى على البعث والجزاء بالأعمال ، بالمرسلات عرفا، وهي الملائكة التي يرسلها الله تعالى بشئونه القدرية وتدبير العالم، وبشئونه الشرعية ووحيه إلى رسله.
و { عُرْفًا } حال من المرسلات أي: أرسلت بالعرف والحكمة والمصلحة، لا بالنكر والعبث.
فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا ٢
نسخ
مشاركة
التفسير
فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا ٢
هى الرياح يقال عصفت الرياح إذا هبت بتصويت.
فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا ٢
فالعاصفات عصفا الرياح بغير اختلاف ; قاله المهدوي . وعن ابن مسعود : هي الرياح العواصف تأتي بالعصف ، وهو ورق الزرع وحطامه ; كما قال تعالى : فيرسل عليكم قاصفا . وقيل : العاصفات الملائكة الموكلون بالرياح يعصفون بها . وقيل : الملائكة تعصف بروح الكافر ; يقال : عصف بالشيء أي أباده وأهلكه ، وناقة عصوف أي تعصف براكبها ، فتمضي كأنها ريح في السرعة ، وعصفت الحرب بالقوم أي ذهبت بهم . وقيل : يحتمل أنها الآيات المهلكة كالزلازل والخسوف .
فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا ٢
{ فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا } وهي [أيضا] الملائكة التي يرسلها الله تعالى وصفها بالمبادرة لأمره، وسرعة تنفيذ أوامره، كالريح العاصف، أو: أن العاصفات، الرياح الشديدة، التي يسرع هبوبها.
وَٱلنَّٰشِرَٰتِ نَشۡرٗا ٣
نسخ
مشاركة
التفسير
وَٱلنَّٰشِرَٰتِ نَشۡرٗا ٣
هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب عز وجل.
وَٱلنَّٰشِرَٰتِ نَشۡرٗا ٣
والناشرات نشرا الملائكة الموكلون بالسحب ينشرونها . وقال ابن مسعود ومجاهد : هي الرياح يرسلها الله تعالى نشرا بين يدي رحمته ; أي تنشر السحاب للغيث . وروي ذلك عن أبي صالح . وعنه أيضا : الأمطار ; لأنها تنشر النبات ، فالنشر بمعنى الإحياء ; يقال : نشر الله الميت وأنشره أي أحياه . وروى عنه السدي : أنها الملائكة تنشر كتب الله - عز وجل - . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : يريد ما ينشر من الكتب وأعمال بني آدم . الضحاك : إنها الصحف تنشر على الله بأعمال العباد . وقال الربيع : إنه البعث للقيامة تنشر فيه الأرواح . قال : والناشرات بالواو ; لأنه استئناف قسم آخر .
وَٱلنَّٰشِرَٰتِ نَشۡرٗا ٣
{ وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا } يحتمل أنها الملائكة ، تنشر ما دبرت على نشره، أو أنها السحاب التي ينشر بها الله الأرض، فيحييها بعد موتها.
فَٱلۡفَٰرِقَٰتِ فَرۡقٗا ٤
نسخ
مشاركة
التفسير
فَٱلۡفَٰرِقَٰتِ فَرۡقٗا ٤
وقوله : ( فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا ) يعني : الملائكة قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، ومسروق ، ومجاهد ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، والسدي ، والثوري . ولا خلاف هاهنا ; فإنها تنزل بأمر الله على الرسل ، تفرق بين الحق والباطل ، والهدى والغي ، والحلال والحرام ،
فَٱلۡفَٰرِقَٰتِ فَرۡقٗا ٤
فالفارقات فرقا الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل ; قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وأبو صالح . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : ما تفرق الملائكة من الأقوات والأرزاق والآجال . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : الفارقات الرياح تفرق بين السحاب وتبدده . وعن سعيد عن قتادة قال : الفارقات فرقا الفرقان ، فرق الله فيه بين الحق والباطل والحرام والحلال . وقاله الحسن وابن كيسان . وقيل : يعني الرسل فرقوا بين ما أمر الله به ونهى عنه أي بينوا ذلك . وقيل : السحابات الماطرة تشبيها بالناقة الفارق وهي الحامل التي تخرج وتند في الأرض حين تضع ، ونوق فوارق وفرق . وربما شبهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة ; قال ذو الرمة :
أو مزنة فارق يجلو غواربها تبوج البرق والظلماء علجوم
فَٱلۡفَٰرِقَٰتِ فَرۡقٗا ٤
فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا
فَٱلۡمُلۡقِيَٰتِ ذِكۡرًا ٥
نسخ
مشاركة
التفسير
فَٱلۡمُلۡقِيَٰتِ ذِكۡرًا ٥
يعني الملائكة قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل وتلقي إليهم وحيا.
فَٱلۡمُلۡقِيَٰتِ ذِكۡرًا ٥
فالملقيات ذكرا الملائكة بإجماع ; أي تلقي كتب الله - عز وجل - إلى الأنبياء عليهم السلام ; قاله المهدوي . وقيل : هو جبريل وسمي باسم الجمع ; لأنه كان ينزل بها . وقيل : المراد الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل الله عليهم ; قاله قطرب . وقرأ ابن عباس فالملقيات بالتشديد مع فتح القاف ; وهو كقوله تعالى : وإنك لتلقى القرآن
فَٱلۡمُلۡقِيَٰتِ ذِكۡرًا ٥
{ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا } هي الملائكه تلقي أشرف الأوامر، وهو الذكر الذي يرحم الله به عباده، ويذكرهم فيه منافعهم ومصالحهم، تلقيه إلى الرسل.
عُذۡرًا أَوۡ نُذۡرًا ٦
نسخ
مشاركة
التفسير
عُذۡرًا أَوۡ نُذۡرًا ٦
وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره .
عُذۡرًا أَوۡ نُذۡرًا ٦
عذرا أو نذرا أي تلقى الوحي إعذارا من الله أو إنذارا إلى خلقه من عذابه ; قاله الفراء . وروي عن أبي صالح قال : يعني الرسل يعذرون وينذرون . وروى سعيد عن قتادة عذرا قال : عذرا لله - جل ثناؤه - إلى خلقه ، ونذرا للمؤمنين ينتفعون به ويأخذون به . وروى الضحاك عن ابن عباس : عذرا أي ما يلقيه الله - جل ثناؤه - من معاذير أوليائه وهي التوبة أو نذرا ينذر أعداءه . وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص أو نذرا بإسكان الذال وجميع السبعة على إسكان ذال عذرا سوى ما رواه الجعفي والأعشى عن أبي بكر عن عاصم أنه ضم الذال . وروي ذلك عن ابن عباس والحسن وغيرهما . وقرأ إبراهيم التيمي وقتادة عذرا ونذرا بالواو العاطفة ولم يجعلا بينهما ألفا . وهما منصوبان على الفاعل له أي للإعذار أو للإنذار . وقيل : على المفعول به ، قيل : على البدل من ذكرا أي فالملقيات عذرا أو نذرا . وقال أبو علي : يجوز أن يكون العذر والنذر بالتثقيل على جمع عاذر وناذر ; كقوله تعالى : هذا نذير من النذر الأولى فيكون نصبا على الحال من الإلقاء ; أي يلقون الذكر في حال العذر والإنذار . أو يكون مفعولا ل " ذكرا " أي فالملقيات أي تذكر عذرا أو نذرا . وقال المبرد : هما بالتثقيل جمع والواحد عذير ونذير .
عُذۡرًا أَوۡ نُذۡرًا ٦
{ عُذْرًا أَوْ نُذْرًا } أي: إعذارا وإنذارا للناس، تنذر الناس ما أمامهم من المخاوف وتقطع معذرتهم ، فلا يكون لهم حجة على الله.
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٞ ٧
نسخ
مشاركة
التفسير
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٞ ٧
وقوله : ( إنما توعدون لواقع ) هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام ، أي : ما وعدتم به من قيام الساعة ، والنفخ في الصور ، وبعث الأجساد وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد ، ومجازاة كل عامل بعمله ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، إن هذا كله ) لواقع ) أي : لكائن لا محالة .
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٞ ٧
هذا جواب ما تقدم من القسم ; أي ما توعدون من أمر القيامة لواقع بكم ونازل عليكم .
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٞ ٧
{ إِنَّمَا تُوعَدُونَ } من البعث والجزاء على الأعمال { لَوَاقِعٌ } أي: متحتم وقوعه، من غير شك ولا ارتياب.
فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتۡ ٨
نسخ
مشاركة
التفسير
فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتۡ ٨
ثم قال : ( فإذا النجوم طمست ) أي : ذهب ضوؤها ، كقوله : ( وإذا النجوم انكدرت ) [ التكوير : 2 ] وكقوله : ( وإذا الكواكب انتثرت ) [ الانفطار : 2 ] .
فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتۡ ٨
ثم بين وقت وقوعه فقال : فإذا النجوم طمست أي ذهب ضوءها ومحي نورها كطمس الكتاب ; يقال : طمس الشيء إذا درس وطمس فهو مطموس ، والريح تطمس الآثار فتكون الريح طامسة والأثر طامسا بمعنى مطموس .
فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتۡ ٨
فإذا وقع حصل من التغير للعالم والأهوال الشديدة ما يزعج القلوب، وتشتد له الكروب، فتنطمس النجوم أي: تتناثر وتزول عن أماكنها
وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتۡ ٩
نسخ
مشاركة
التفسير
وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتۡ ٩
أي انفطرت وانشقت وتدلت أرجاؤها ووهت أطرافها.
وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتۡ ٩
وإذا السماء فرجت أي فتحت وشقت ; ومنه قوله تعالى : وفتحت السماء فكانت أبوابا . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : فرجت للطي .
وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتۡ ٩
وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ
وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ نُسِفَتۡ ٠١
نسخ
مشاركة
التفسير
وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ نُسِفَتۡ ٠١
( وإذا الجبال نسفت ) أي : ذهب بها ، فلا يبقى لها عين ولا أثر ، كقوله : ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) [ طه : 105 - 107 ] وقال تعالى : ( ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ) [ الكهف : 47 ]
وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ نُسِفَتۡ ٠١
وإذا الجبال نسفت أي ذهب بها كلها بسرعة ; يقال : نسفت الشيء وأنسفته : إذا أخذته كله بسرعة . وكان ابن عباس والكلبي يقول : سويت بالأرض ، والعرب تقول : فرس نسوف إذا كان يؤخر الحزام بمرفقيه ; قال بشر :
نسوف للحزام بمرفقيها
ونسفت الناقة الكلأ : إذا رعته . وقال المبرد : نسفت قلعت من موضعها ; يقول الرجل للرجل يقتلع رجليه من الأرض : أنسفت رجلاه . وقيل : النسف تفريق الأجزاء حتى تذروها للرياح . ومنه نسف الطعام ; لأنه يحرك حتى يذهب الريح بعض ما فيه من التبن .
وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ نُسِفَتۡ ٠١
وتنسف الجبال، فتكون كالهباء المنثور، وتكون هي والأرض قاعا صفصفا، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.
وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتۡ ١١
نسخ
مشاركة
التفسير
لِأَيِّ يَوۡمٍ أُجِّلَتۡ ٢١
وقوله : ( وإذا الرسل أقتت ) قال العوفي ، عن ابن عباس : جمعت . وقال ابن زيد : وهذه كقوله تعالى : ( يوم يجمع الله الرسل ) [ المائدة : 109 ] . وقال مجاهد : ( أقتت ) أجلت .
وقال الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم : ( أقتت ) أوعدت . وكأنه يجعلها كقوله : ( وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ) [ الزمر : 69 ] .
لِأَيِّ يَوۡمٍ أُجِّلَتۡ ٢١
وإذا الرسل أقتت أي جمعت لوقتها ليوم القيامة ، والوقت الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه ; فالمعنى : جعل لها وقت وأجل للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم ; كما قال تعالى : يوم يجمع الله الرسل . وقيل : هذا في الدنيا أي جمعت الرسل لميقاتها الذي ضرب لها في إنزال العذاب بمن كذبهم بأن الكفار ممهلون . وإنما تزول الشكوك يوم القيامة . والأول أحسن ; لأن التوقيت معناه شيء يقع يوم القيامة ، كالطمس ونسف الجبال وتشقيق السماء ولا يليق به التأقيت قبل يوم القيامة . قال أبو علي : أي جعل يوم الدين والفصل لها وقتا . وقيل : أقتت وعدت وأجلت . وقيل : أقتت أي أرسلت لأوقات معلومة على ما علمه الله وأراد . والهمزة في أقتت بدل من الواو ; قاله الفراء والزجاج . قال الفراء : وكل واو ضمت وكانت ضمتها لازمة جاز أن يبدل منها همزة ; تقول : صلى القوم أحدانا تريد وحدانا ، ويقولون هذه وجوه حسان وأجوه . وهذا لأن ضمة الواو ثقيلة . ولم يجز البدل في قوله : ولا تنسوا الفضل بينكم لأن الضمة غير لازمة . وقرأ أبو عمرو وحميد والحسن ونصر . وعن عاصم ومجاهد ( وقتت ) بالواو وتشديد القاف على الأصل . وقال أبو عمرو : وإنما يقرأ " أقتت " من قال في وجوه أجوه . وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج ( وقتت ) بالواو وتخفيف القاف . وهو فعلت من الوقت ومنه كتابا موقوتا . وعن الحسن أيضا : ووقتت بواوين ، وهو فوعلت من الوقت أيضا مثل عوهدت . ولو قلبت الواو في هاتين القراءتين ألفا لجاز . وقرأ يحيى وأيوب وخالد بن إلياس وسلام أقتت بالهمزة والتخفيف ; لأنها مكتوبة في المصحف بالألف .
لِأَيِّ يَوۡمٍ أُجِّلَتۡ ٢١
وذلك اليوم هو اليوم الذي أقتت فيه الرسل.
لِأَيِّ يَوۡمٍ أُجِّلَتۡ ٢١
نسخ
مشاركة
التفسير
لِيَوۡمِ ٱلۡفَصۡلِ ٣١
ثم قال : ( لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين ) يقول تعالى : لأي يوم أجلت الرسل وأرجئ أمرها ؟ حتى تقوم الساعة ، كما قال تعالى : ( فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) [ إبراهيم : 47 ، 48 ] وهو يوم الفصل ، كما قال ( ليوم الفصل )
لِيَوۡمِ ٱلۡفَصۡلِ ٣١
أي أخرت , وهذا تعظيم لذلك اليوم فهو استفهام على التعظيم .
لِيَوۡمِ ٱلۡفَصۡلِ ٣١
وأجلت للحكم بينها وبين أممها، ولهذا قال:
{ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } استفهام للتعظيم والتفخيم والتهويل.
لِيَوۡمِ ٱلۡفَصۡلِ ٣١
نسخ
مشاركة
التفسير
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٤١
يقول تعالى : لأي يوم أجلت الرسل وأرجئ أمرها ؟ حتى تقوم الساعة ، كما قال تعالى : ( فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) [ إبراهيم : 47 ، 48 ] وهو يوم الفصل ، كما قال ( ليوم الفصل )
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٤١
أي ليوم الفصل أجلت . وروى سعيد عن قتادة قال : يفصل فيه بين الناس بأعمالهم إلى الجنة أو إلى النار . وفي الحديث : " إذا حشر الناس يوم القيامة قاموا أربعين عاما على رؤوسهم الشمس شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون الفصل " .
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٤١
ثم أجاب بقوله: { لِيَوْمِ الْفَصْلِ } [أي:] بين الخلائق، بعضهم لبعض، وحساب كل منهم منفردا.
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٤١
نسخ
مشاركة
التفسير
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٤١
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٤١
أتبع التعظيم تعظيما ; أي وما أعلمك ما يوم الفصل ؟
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٤١
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٥١
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٥١
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٥١
ويل يومئذ للمكذبين أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم ، فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر ، ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه ، وأعظم في الرد على الله ، فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ، وعلى قدر وفاقه وهو قوله : جزاء وفاقا .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم ، وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر ، وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي . مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة ، ولا أنتن منه نتنا ، ولا أشد منه مرارة ، ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما تضمن من العذاب ، وأنه أعظم واد في جهنم ، فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٥١
ثم توعد المكذب بهذا اليوم فقال: { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } أي: يا حسرتهم، وشدة عذابهم، وسوء منقلبهم، أخبرهم الله، وأقسم لهم، فلم يصدقوه، فاستحقوا العقوبة البليغة.
أَلَمۡ نُهۡلِكِ ٱلۡأَوَّلِينَ ٦١
نسخ
مشاركة
التفسير
أَلَمۡ نُهۡلِكِ ٱلۡأَوَّلِينَ ٦١
يعني من المكذبين للرسل المخالفين لما جاءوهم به.
أَلَمۡ نُهۡلِكِ ٱلۡأَوَّلِينَ ٦١
أخبر عن إهلاك الكفار من الأمم الماضين من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم .
أَلَمۡ نُهۡلِكِ ٱلۡأَوَّلِينَ ٦١
أي: أما أهلكنا المكذبين السابقين.
ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ ٧١
نسخ
مشاركة
التفسير
ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ ٧١
أي ممن أشبههم.
ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ ٧١
أي نلحق الآخرين بالأولين .
ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ ٧١
ثم نتبعهم بإهلاك من كذب من الآخرين.
كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ ٨١
نسخ
مشاركة
التفسير
كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ ٨١
كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ
كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ ٨١
كذلك نفعل بالمجرمين أي مثل ما فعلناه بمن تقدم نفعل بمشركي قريش إما بالسيف ، وإما بالهلاك . وقرأ العامة ثم نتبعهم بالرفع على الاستئناف ، وقرأ الأعرج ( نتبعهم ) بالجزم عطفا على نهلك الأولين كما تقول : ألم تزرني ثم أكرمك . والمراد أنه أهلك قوما بعد قوم على اختلاف أوقات المرسلين . ثم استأنف بقوله : كذلك نفعل بالمجرمين يريد من يهلك فيما بعد . ويجوز أن يكون الإسكان تخفيفا من نتبعهم لتوالي الحركات . وروي عنه الإسكان للتخفيف . وفي قراءة ابن مسعود ( ثم سنتبعهم ) والكاف من كذلك في موضع نصب ، أي مثل ذلك الهلاك نفعله بكل مشرك . ثم قيل : معناه التهويل لهلاكهم في الدنيا اعتبارا . وقيل : هو إخبار بعذابهم في الآخرة .
كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ ٨١
وهذه سنته السابقة واللاحقة في كل مجرم لا بد من عذابه ، فلم لا تعتبرون بما ترون وتسمعون ؟
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٩١
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٩١
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٩١
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي .
مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٩١
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } بعدما شاهدوا من الآيات البينات، والعقوبات والمثلات.
أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ ٠٢
نسخ
مشاركة
التفسير
أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ ٠٢
ثم قال ممتنا على خلقه ومحتجا على الإعادة بالبداءة : ( ألم نخلقكم من ماء مهين ) ؟ أي : ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة البارئ عز وجل ، كما تقدم في سورة " يس " في حديث بسر بن جحاش : " ابن آدم ، أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه؟ " .
أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ ٠٢
قوله تعالى : ألم نخلقكم من ماء مهين أي ضعيف حقير وهو النطفة وقد تقدم ، وهذه الآية أصل لمن قال : إن خلق الجنين إنما هو من ماء الرجل وحده . وقد مضى القول فيه .
أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ ٠٢
أي: أما خلقناكم أيها الآدميون { مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ } أي: في غاية الحقارة، خرج من بين الصلب والترائب.
فَجَعَلۡنَٰهُ فِي قَرَارٖ مَّكِينٍ ١٢
نسخ
مشاركة
التفسير
فَجَعَلۡنَٰهُ فِي قَرَارٖ مَّكِينٍ ١٢
( فجعلناه في قرار مكين ) يعني : جمعناه في الرحم ، وهو قرار الماء من الرجل والمرأة ، والرحم معد لذلك ، حافظ لما أودع فيه من الماء .
فَجَعَلۡنَٰهُ فِي قَرَارٖ مَّكِينٍ ١٢
أي في مكان حريز وهو الرحم .
فَجَعَلۡنَٰهُ فِي قَرَارٖ مَّكِينٍ ١٢
حتى جعله الله { فِي قَرَارٍ مَكِينٍ } وهو الرحم، به يستقر وينمو.
إِلَىٰ قَدَرٖ مَّعۡلُومٖ ٢٢
نسخ
مشاركة
التفسير
إِلَىٰ قَدَرٖ مَّعۡلُومٖ ٢٢
إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر.
إِلَىٰ قَدَرٖ مَّعۡلُومٖ ٢٢
قال مجاهد : إلى أن نصوره .
وقيل : إلى وقت الولادة .
إِلَىٰ قَدَرٖ مَّعۡلُومٖ ٢٢
{ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ } ووقت مقدر.
فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ ٣٢
نسخ
مشاركة
التفسير
فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ ٣٢
فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ
فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ ٣٢
فقدرنا وقرأ نافع والكسائي ( فقدرنا ) بالتشديد . وخفف الباقون ، وهما لغتان بمعنى . قاله الكسائي والفراء والقتبي . قال القتبي : قدرنا بمعنى قدرنا مشددة : كما تقول : قدرت كذا وقدرته ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه سلم - في الهلال : إذا غم عليكم فاقدروا له أي قدروا له المسير والمنازل .
وقال محمد بن الجهم عن الفراء : ( فقدرنا ) قال : وذكر تشديدها عن علي - رضي الله عنه - ، وتخفيفها ، قال : ولا يبعد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا ; لأن العرب تقول : قدر عليه الموت وقدر : قال الله تعالى : نحن قدرنا بينكم الموت قرئ بالتخفيف ، والتشديد ، وقدر عليه رزقه وقدر . قال : واحتج الذين خففوا فقالوا ; لو كانت كذلك لكانت فنعم المقدرون . قال الفراء : وتجمع العرب بين اللغتين ; قال الله تعالى : فمهل الكافرين أمهلهم رويدا قال الأعشى :
وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا
وروي عن عكرمة فقدرنا مخففة من القدرة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم والكسائي لقوله : فنعم القادرون ومن شدد فهو من التقدير ، أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون . رواه ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقيل : المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا . ونحوه عن ابن عباس : قدرنا ملكنا . المهدوي : وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف .
قلت : هو صحيح فإن عكرمة هو الذي قرأ فقدرنا مخففا قال : معناه فملكنا فنعم المالكون ، فأفادت الكلمتان معنيين متغايرين ; أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى حالة حتى صارت بشرا سويا ، أو الشقي والسعيد ، أو الطويل والقصير ، كله على قراءة التشديد . وقيل : هما بمعنى كما ذكرنا .
فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ ٣٢
{ فَقَدَرْنَا } أي: قدرنا ودبرنا ذلك الجنين، في تلك الظلمات، ونقلناه من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى أن جعله الله جسدا، ثم نفخ فيه الروح، ومنهم من يموت قبل ذلك.
{ فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } [يعني بذلك نفسه المقدسة] حيث كان قدرا تابعا للحكمة، موافق للحمد .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٢
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٢
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٢
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي .
مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٢
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } بعدما بين الله لهم الآيات، وأراهم العبر والبينات.
أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا ٥٢
نسخ
مشاركة
التفسير
أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا ٥٢
قال ابن عباس كفاتا كنا وقال مجاهد يكفت الميت فلا يرى منه شيء وقال الشعبي بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم.
أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا ٥٢
قوله تعالى : ألم نجعل الأرض كفاتا أي ضامة تضم الأحياء على ظهورها والأموات في بطنها . وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه ، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه . وقوله - عليه السلام - : قصوا أظافركم وادفنوا قلاماتكم وقد مضى في ( البقرة ) بيانه يقال : كفت الشيء أكفته : إذا جمعته وضممته ، والكفت : الضم والجمع ; وأنشد سيبويه :
كرام حين تنكفت الأفاعي إلى أحجارهن من الصقيع
وقال أبو عبيد : كفاتا أوعية . ويقال للنحي : كفت وكفيت ; لأنه يحوي اللبن ويضمه قال :
فأنت اليوم فوق الأرض حي وأنت غدا تضمك في كفات
وخرج الشعبي في جنازة فنظر إلى الجبان فقال : هذه كفات الأموات ، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحياء .
والثانية : روي عن ربيعة في النباش قال تقطع يده فقيل له : لم قلت ذلك ؟ قال : إن الله - عز وجل - يقول : ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا فالأرض حرز . وقد مضى هذا في سورة ( المائدة ) . وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة ، لأنه مقبرة تضم الموتى ، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم . وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض ، ثم اضطجاعهم عليها ، انضمام منهم إليها . وقيل : هي كفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض ; إذ لا ضم في كون الناس عليها ، والضم يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه .
وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض ، أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت ، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت . وقال الفراء : انتصب أحياء وأمواتا بوقوع الكفات عليه ; أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات . فإذا نونت نصبت ; كقوله تعالى : أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما . وقيل : نصب على الحال من الأرض ، أي منها كذا ومنها كذا . وقال الأخفش : كفاتا جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع . وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر . ويقال : انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا . فمعنى الكفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون إليها ويدفنون فيها .
أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا ٥٢
أي: أما امتننا عليكم وأنعمنا، بتسخير الأرض لمصالحكم، فجعلناها { كِفَاتًا } لكم.
أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا ٦٢
نسخ
مشاركة
التفسير
أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا ٦٢
وقال مجاهد يكفت الميت فلا يرى منه شيء وقال الشعبي بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم.
أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا ٦٢
روى عن ربيعة في النباش قال تقطع يده فقيل له : لم قلت ذلك ؟ قال .
إن الله عز وجل يقول : " ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا " فالأرض حرز .
وقد مضى هذا في سورة " المائدة " .
وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة ; لأنه مقبرة تضم الموتى , فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم .
وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض , ثم اضطجاعهم عليها , انضمام منهم إليها .
وقيل : هي كفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض ; إذ لا ضم في كون الناس عليها , والضم يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه .
وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض , أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت , وإلى ميت وهو الذي لا ينبت .
وقال الفراء : انتصب , " أحياء وأمواتا " بوقوع الكفات عليه ; أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات .
فإذا نونت نصبت ; كقوله تعالى : " أو إطعام في يوم ذي مسغبة .
يتيما " [ البلد : 14 - 15 ] .
وقيل : نصب على الحال من الأرض , أي منها كذا ومنها كذا .
وقال الأخفش : " كفاتا " جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع .
وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر .
ويقال : انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا .
فمعنى الكفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون إليها ويدفنون فيها .
أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا ٦٢
{ أَحْيَاءً } في الدور، { وَأَمْوَاتًا } في القبور، فكما أن الدور والقصور من نعم الله على عباده ومنته، فكذلك القبور، رحمة في حقهم، وسترا لهم، عن كون أجسادهم بادية للسباع وغيرها.
وَجَعَلۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ شَٰمِخَٰتٖ وَأَسۡقَيۡنَٰكُم مَّآءٗ فُرَاتٗا ٧٢
نسخ
مشاركة
التفسير
وَجَعَلۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ شَٰمِخَٰتٖ وَأَسۡقَيۡنَٰكُم مَّآءٗ فُرَاتٗا ٧٢
يعني الجبال رسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب "وأسقيناكم ماء فراتا" أي عذبا زلالا من السحاب أو مما أنبعه من عيون الأرض.
وَجَعَلۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ شَٰمِخَٰتٖ وَأَسۡقَيۡنَٰكُم مَّآءٗ فُرَاتٗا ٧٢
وجعلنا فيها أي في الأرض رواسي شامخات يعني الجبال ، والرواسي الثوابت ، والشامخات الطوال ; ومنه يقال : شمخ بأنفه إذا رفعه كبرا .
وأسقيناكم ماء فراتا أي وجعلنا لكم سقيا . والفرات : الماء العذب يشرب ويسقى منه الزرع . أي خلقنا الجبال وأنزلنا الماء الفرات . وهذه الأمور أعجب من البعث . وفي بعض الحديث قال أبو هريرة : في الأرض من الجنة الفرات والدجلة ونهر الأردن . وفي صحيح مسلم : سيحان وجيحان والنيل والفرات كل من أنهار الجنة .
وَجَعَلۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ شَٰمِخَٰتٖ وَأَسۡقَيۡنَٰكُم مَّآءٗ فُرَاتٗا ٧٢
{ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } أي: جبالا ترسي الأرض، لئلا تميد بأهلها، فثبتها الله بالجبال الراسيات الشامخات أي: الطوال العراض، { وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا } أي: عذبا زلالا، قال تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ }
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٨٢
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٨٢
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٨٢
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي .
مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٨٢
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } مع ما أراهم الله من النعم التي انفرد الله بها، واختصهم بها، فقابلوها بالتكذيب.
ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ ٩٢
نسخ
مشاركة
التفسير
ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ ٩٢
يقول تعالى مخبرا عن الكفار المكذبين بالمعاد والجزاء والجنة والنار أنهم يقال لهم يوم القيامة "انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ".
ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ ٩٢
أي يقال للكفار سيروا " إلى ما كنتم به تكذبون " من العذاب يعني النار , فقد شاهدتموها عيانا .
ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ ٩٢
هذا من الويل الذي أعد [للمجرمين] للمكذبين، أن يقال لهم يوم القيامة: { انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }
ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ ٠٣
نسخ
مشاركة
التفسير
ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ ٠٣
يعني لهب النار إذا ارتفع وصعد معه دخان فمن شدته وقوته أن له ثلاث شعب.
ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ ٠٣
انطلقوا إلى ظل أي دخان ذي ثلاث شعب يعني الدخان الذي يرتفع ثم يتشعب إلى ثلاث شعب . وكذلك شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب .
ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ ٠٣
{ انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ } أي: إلى ظل نار جهنم، التي تتمايز في خلاله ثلاث شعب أي: قطع من النار أي: تتعاوره وتتناوبه وتجتمع به.
لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ ١٣
نسخ
مشاركة
التفسير
لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ ١٣
أي ظل الدخان المقابل للهب لا ظليل هو في نفسه ولا يغني من اللهب يعني ولا يقيهم حر اللهب.
لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ ١٣
ثم وصف الظل فقال : لا ظليل أي ليس كالظل الذي يقي حر الشمس ولا يغني من اللهب أي لا يدفع من لهب جهنم شيئا . واللهب ما يعلو على النار إذ اضطرمت ، من أحمر وأصفر وأخضر .
وقيل : إن الشعب الثلاث هي الضريع والزقوم والغسلين ; قاله الضحاك . وقيل : اللهب ثم الشرر ثم الدخان ; لأنها ثلاثة أحوال ، هي غاية أوصاف النار إذا اضطرمت واشتدت . وقيل : عنق يخرج من النار فيتشعب ثلاث شعب . فأما النور فيقف على رؤوس المؤمنين ، وأما الدخان فيقف على رؤوس المنافقين ، وأما اللهب الصافي فيقف على رؤوس الكافرين . وقيل : هو السرادق ، وهو لسان من نار يحيط بهم ، ثم يتشعب منه ثلاث شعب ، فتظللهم حتى يفرغ من حسابهم إلى النار . وقيل : هو الظل من يحموم ; كما قال تعالى : في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم على ما تقدم . وفي الحديث : " إن الشمس تدنو من رؤوس الخلائق وليس عليهم يومئذ لباس ولا لهم أكفان فتلحقهم الشمس وتأخذ بأنفاسهم ومد ذلك اليوم ، ثم ينجي الله برحمته من يشاء إلى ظل من ظله فهنالك يقولون : فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم " ويقال للمكذبين : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون من عذاب الله وعقابه انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب فيكون أولياء الله - جل ثناؤه - في ظل عرشه أو حيث شاء من الظل ، إلى أن يفرغ من الحساب ثم يؤمر بكل فريق إلى مستقره من الجنة والنار .
لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ ١٣
{ لَا ظَلِيلٍ } ذلك الظل أي: لا راحة فيه ولا طمأنينة، { وَلَا يُغْنِي } من مكث فيه { مِنَ اللَّهَبِ } بل اللهب قد أحاط به، يمنة ويسرة ومن كل جانب، كما قال تعالى: { لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ }
{ لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين }
إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ ٢٣
نسخ
مشاركة
التفسير
إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ ٢٣
أي يتطاير الشرر من لهبها كالقصر قال ابن مسعود كالحصون وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم وغيرهم يعني أصول الشجر.
إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ ٢٣
ثم وصف النار فقال : إنها ترمي بشرر كالقصر الشرر : واحدته شررة . والشرار : واحدته شرارة ، وهو ما تطاير من النار في كل جهة ، وأصله من شررت الثوب إذا بسطته للشمس ليجف . والقصر البناء العالي . وقراءة العامة كالقصر بإسكان الصاد : أي الحصون والمدائن في العظم وهو واحد القصور . قاله ابن عباس وابن مسعود . وهو في معنى الجمع على طريق الجنس . وقيل : القصر جمع قصرة ساكنة الصاد ، مثل جمرة وجمر وتمرة وتمر . والقصرة : الواحدة من جزل الحطب الغليظ .
وفي البخاري عن ابن عباس أيضا : ترمي بشرر كالقصر قال كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل ، فترفعه للشتاء ، فنسميه القصر ، وقال سعيد بن جبير والضحاك : هي أصول الشجر والنخل العظام إذا وقع وقطع . وقيل : أعناقه . وقرأ ابن عباس ومجاهد وحميد والسلمي ( كالقصر ) بفتح الصاد ، أراد أعناق النخل . والقصرة العنق ، جمعها قصر وقصرات . وقال قتادة : أعناق الإبل . قرأ سعيد بن جبير بكسر القاف وفتح الصاد ، وهي أيضا جمع قصرة مثل بدرة وبدر وقصعة وقصع وحلقة وحلق ، لحلق الحديد . وقال أبو حاتم : ولعله لغة ، كما قالوا : حاجة وحوج .
وقيل : القصر : الجبل ، فشبه الشرر بالقصر في مقاديره ، ثم شبهه في لونه بالجمالات الصفر ، وهي الإبل السود ; والعرب تسمي السود من الإبل صفرا ; قال الشاعر [ الأعشى ] :
تلك خيلي منه وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب
أي هن سود . وإنما سميت السود من الإبل صفرا لأنه يشوب سوادها شيء من صفرة ; كما قيل لبيض الظباء : الأدم ; لأن بياضها تعلوه كدرة : والشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار ، أشبه شيء بالإبل السود ، لما يشوبها من صفرة . وفي شعر عمران بن حطان الخارجي :
دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم بمثل الجمال الصفر نزاعة الشوى
وضعف الترمذي هذا القول فقال : وهذا القول محال في اللغة ، أن يكون شيء يشوبه شيء قليل ، فنسب كله إلى ذلك الشائب ، فالعجب لمن قد قال هذا ، وقد قال الله تعالى : جمالة صفر فلا نعلم شيئا من هذا في اللغة . ووجهه عندنا أن النار خلقت من النور فهي نار مضيئة ، فلما خلق الله جهنم وهي موضع النار ، حشا ذلك الموضع بتلك النار ، وبعث إليها سلطانه وغضبه ، فاسودت من سلطانه وازدادت حدة ، وصارت أشد سوادا من النار ومن كل شيء سوادا ، فإذا كان يوم القيامة وجيء بجهنم في الموقف رمت بشررها على أهل الموقف ، غضبا لغضب الله ، والشرر هو أسود ; لأنه من نار سوداء ، فإذا رمت النار بشررها فإنها ترمي الأعداء به ، فهن سود من سواد النار ، لا يصل ذلك إلى الموحدين ; لأنهم في سرادق الرحمة قد أحاط بهم في الموقف ، وهو الغمام الذي يأتي فيه الرب تبارك وتعالى ، ولكن يعاينون ذلك الرمي ، فإذا عاينوه نزع الله ذلك السلطان والغضب عنه في رأي العين منهم حتى يروها صفراء ; ليعلم الموحدون أنهم في رحمة الله لا في سلطانه وغضبه . وكان ابن عباس يقول : الجمالات الصفر : حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال . ذكره البخاري . وكان يقرؤها ( جمالات ) بضم الجيم ، وكذلك قرأ مجاهد وحميد ( جمالات ) بضم الجيم ، وهي الحبال الغلاظ ، وهي قلوس السفينة أي حبالها . وواحد القلوس : قلس . وعن ابن عباس أيضا على أنها قطع النحاس . والمعروف في الحبل الغليظ جمل بتشديد الميم كما تقدم في ( الأعراف ) . و ( جمالات ) بضم الجيم : جمع جمالة بكسر الجيم موحدا ، كأنه جمع جمل ، نحو حجر وحجارة ، وذكر وذكارة ، وقرأ يعقوب وابن أبي إسحاق وعيسى والجحدري ( جمالة ) بضم الجيم موحدا وهي الشيء العظيم المجموع بعضه إلى بعض . وقرأ حفص وحمزة والكسائي ( جمالة ) وبقية السبعة ( جمالات ) قال الفراء : يجوز أن تكون الجمالات جمع جمال كما يقال : رجل ورجال ورجالات . وقيل : شبهها بالجمالات لسرعة سيرها . وقيل : لمتابعة بعضها بعضا .
والقصر : واحد القصور . وقصر الظلام : اختلاطه ويقال : أتيته قصرا أي عشيا ، فهو مشترك ; قال [ كثير عزة ] :
كأنهم قصرا مصابيح راهب بموزن روى بالسليط ذبالها
مسألة : في هذه الآية دليل على جواز ادخار الحطب والفحم وإن لم يكن من القوت ، فإنه من مصالح المرء ومغاني مفاقره ، وذلك مما يقتضي النظر أن يكتسبه في غير وقت حاجته ; ليكون أرخص وحالة وجوده أمكن ، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخر القوت في وقت عموم وجوده من كسبه وماله ، وكل شيء محمول عليه . وقد بين ابن عباس هذا بقوله : كنا نعمد إلى الخشبة فنقطعها ثلاثة أذرع وفوق ذلك ودونه وندخره للشتاء وكنا نسميه القصر . وهذا أصح ما قيل في ذلك ، والله أعلم .
إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ ٢٣
ثم ذكر عظم شرر النار، الدال على عظمها وفظاعتها وسوء منظرها، فقال:
{ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة، وهذا يدل على أن النار مظلمة، لهبها وجمرها وشررها، وأنها سوداء، كريهة المرأى ، شديدة الحرارة، نسأل الله العافية منها [من الأعمال المقربة منها].
كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ ٣٣
نسخ
مشاركة
التفسير
كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ ٣٣
( كأنه جمالة صفر ) أي : كالإبل السود . قاله مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك . واختاره ابن جرير .
وعن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير : ( جمالة صفر ) يعني : حبال السفن . وعنه - أعني ابن عباس - : ( جمالة صفر ) قطع نحاس .
وقال البخاري : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ، أخبرنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن عابس قال : سمعت ابن عباس : ( إنها ترمي بشرر كالقصر ) قال : كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك ، فنرفعه للشتاء ، فنسميه القصر ، ( كأنه جمالة صفر ) حبال السفن ، تجمع حتى تكون كأوساط الرجال
كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ ٣٣
وقيل : القصر : الجبل , فشبه الشرر بالقصر في مقاديره , ثم شبهه في لونه بالجمالات الصفر , وهي الإبل السود ; والعرب تسمي السود من الإبل صفرا ; قال الشاعر : تلك خيلي منه وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب أي هن سود .
وإنما سميت السود من الإبل صفرا لأنه يشوب سوادها شيء من صفرة ; كما قيل لبيض الظباء : الأدم ; لأن بياضها تعلوه كدرة : والشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار أشبه شيء بالإبل السود , لما يشوبها من صفرة .
وفي شعر عمران بن حطان الخارجي : دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم بمثل الجمال الصفر نزاعة الشوى وضعف الترمذي هذا القول فقال : وهذا القول محال في اللغة , أن يكون شيء يشوبه شيء قليل , فنسب كله إلى ذلك الشائب , فالعجب لمن قد قال هذا , وقد قال الله تعالى : " جمالات صفر " فلا نعلم شيئا من هذا في اللغة .
ووجهه عندنا أن النار خلقت من النور فهي نار مضيئة , فلما خلق الله جهنم وهي موضع النار , حشى ذلك الموضع بتلك النار , وبعث إليها سلطانه وغضبه , فاسودت من سلطانه وازدادت حدة , وصارت أشد سوادا من النار ومن كل شيء سوادا , فإذا كان يوم القيامة وجيء بجهنم في الموقف رمت بشررها على أهل الموقف , غضبا لغضب الله , والشرر هو أسود ; لأنه من نار سوداء , فإذا رمت النار بشررها فإنها ترمي الأعداء به , فهن سود من سواد النار , لا يصل ذلك إلى الموحدين ; لأنهم في سرادق الرحمة قد أحاط بهم في الموقف , وهو الغمام الذي يأتي فيه الرب تبارك وتعالى , ولكن يعاينون ذلك الرمي , فإذا عاينوه نزع الله ذلك السلطان والغضب عنه في رأي العين منهم حتى يروها صفراء ; ليعلم الموحدون أنهم في رحمة الله لا في سلطانه وغضبه .
وكان ابن عباس يقول : الجمالات الصفر : حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال .
ذكره البخاري .
وكان يقرؤها " جمالات " بضم الجيم , وكذلك قرأ مجاهد وحميد " جمالات " بضم الجيم , وهي الحبال الغلاظ , وهي قلوس السفينة أي حبالها .
وواحد القلوس : قلس .
وعن ابن عباس أيضا على أنها قطع النحاس .
والمعروف في الحبل الغليظ جمل بتشديد الميم كما تقدم في " الأعراف " .
و " جمالات " بضم الجيم : جمع جمالة بكسر الجيم موحدا , كأنه جمع جمل , نحو حجر وحجارة , وذكر وذكارة , وقرأ يعقوب وابن أبي إسحاق وعيسى والجحدري " جمالة " بضم الجيم موحدا وهي الشيء العظيم المجموع بعضه إلى بعض .
وقرأ حفص وحمزة والكسائي " جمالة " وبقية السبعة " جمالات " قال الفراء : يجوز أن تكون الجمالات جمع جمال كما يقال : رجل ورجال ورجالات .
وقيل : شبهها بالجمالات لسرعة سيرها .
وقيل : لمتابعة بعضها بعضا .
كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ ٣٣
ثم ذكر عظم شرر النار، الدال على عظمها وفظاعتها وسوء منظرها، فقال :
{ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة، وهذا يدل على أن النار مظلمة، لهبها وجمرها وشررها، وأنها سوداء، كريهة المرأى ، شديدة الحرارة، نسأل الله العافية منها [من الأعمال المقربة منها].
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٣
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٣
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٣
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٣
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } بعدما بين الله لهم الآيات، وأراهم العبر والبينات.
هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ ٥٣
نسخ
مشاركة
التفسير
هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ ٥٣
أي لا يتكلمون.
هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ ٥٣
قوله تعالى : هذا يوم لا ينطقون أي لا يتكلمون ولا يؤذن لهم فيعتذرون أي إن يوم القيامة له مواطن ومواقيت ، فهذا من المواقيت التي لا يتكلمون فيها ، ولا يؤذن لهم في الاعتذار والتنصل .
وعن عكرمة عن ابن عباس قال : سأل ابن الأزرق عن قوله تعالى : هذا يوم لا ينطقون و فلا تسمع إلا همسا وقد قال تعالى : وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون فقال له : إن الله - عز وجل - يقول : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فإن لكل مقدار من هذه الأيام لونا من هذه الألوان . وقيل : لا ينطقون بحجة نافعة ، ومن نطق بما لا ينفع ولا يفيد فكأنه ما نطق . قال الحسن : لا ينطقون بحجة وإن كانوا ينطقون . وقيل : إن هذا وقت جوابهم اخسؤوا فيها ولا تكلمون وقد تقدم . وقال أبو عثمان : أسكتتهم رؤية الهيبة وحياء الذنوب . وقال الجنيد : أي عذر لمن أعرض عن منعمه وجحده وكفر أياديه ونعمه ؟ و " يوم " بالرفع قراءة العامة على الابتداء والخبر ; أي تقول الملائكة : هذا يوم لا ينطقون ويجوز أن يكون قوله : انطلقوا من قول الملائكة ، ثم يقول الله لأوليائه : هذا يوم لا ينطق الكفار . ومعنى اليوم الساعة والوقت . وروى يحيى بن سلطان . عن أبي بكر عن عاصم هذا يوم لا ينطقون بالنصب ، ورويت عن ابن هرمز وغيره ، فجاز أن يكون مبنيا لإضافته إلى الفعل وموضعه رفع . وهذا مذهب الكوفيين . وجاز أن يكون في موضع نصب على أن تكون الإشارة إلى غير اليوم . وهذا مذهب البصريين ; لأنه إنما بني عندهم إذا أضيف إلى مبني ، والفعل هاهنا معرب .
هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ ٥٣
أي: هذا اليوم العظيم الشديد على المكذبين، لا ينطقون فيه من الخوف والوجل الشديد.
وَلَا يُؤۡذَنُ لَهُمۡ فَيَعۡتَذِرُونَ ٦٣
نسخ
مشاركة
التفسير
وَلَا يُؤۡذَنُ لَهُمۡ فَيَعۡتَذِرُونَ ٦٣
( ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) أي : لا يقدرون على الكلام ، ولا يؤذن لهم فيه ليعتذروا ، بل قد قامت عليهم الحجة ، ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون . وعرصات القيامة حالات ، والرب تعالى يخبر عن هذه الحالة تارة ، وعن هذه الحالة تارة ; ليدل على شدة الأهوال والزلازل يومئذ . ولهذا يقول بعد كل فصل من هذا الكلام : ( ويل يومئذ للمكذبين )
وَلَا يُؤۡذَنُ لَهُمۡ فَيَعۡتَذِرُونَ ٦٣
وقال الفراء في قوله تعالى : ولا يؤذن لهم فيعتذرون الفاء نسق أي عطف على يؤذن وأجيز ذلك ; لأن أواخر الكلام بالنون . ولو قال : فيعتذروا لم يوافق الآيات . وقد قال : لا يقضى عليهم فيموتوا بالنصب وكله صواب ; ومثله : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه بالنصب والرفع .
وَلَا يُؤۡذَنُ لَهُمۡ فَيَعۡتَذِرُونَ ٦٣
{ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } أي: لا تقبل معذرتهم، ولو اعتذروا: { فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ }
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٧٣
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٧٣
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٧٣
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي .
مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٧٣
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } بعدما بين الله لهم الآيات، وأراهم العبر والبينات.
هَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِۖ جَمَعۡنَٰكُمۡ وَٱلۡأَوَّلِينَ ٨٣
نسخ
مشاركة
التفسير
هَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِۖ جَمَعۡنَٰكُمۡ وَٱلۡأَوَّلِينَ ٨٣
وهذه مخاطبة من الخالق تعالى لعباده يقول لهم "هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين" يعني أنه جمعهم بقدرته في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر.
هَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِۖ جَمَعۡنَٰكُمۡ وَٱلۡأَوَّلِينَ ٨٣
قوله تعالى : هذا يوم الفصل أي ويقال لهم هذا اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق ; فيتبين المحق من المبطل . جمعناكم والأولين قال ابن عباس : جمع الذين كذبوا محمدا والذين كذبوا النبيين من قبله . رواه عنه الضحاك .
هَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِۖ جَمَعۡنَٰكُمۡ وَٱلۡأَوَّلِينَ ٨٣
{ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ } لنفصل بينكم، ونحكم بين الخلائق.
فَإِن كَانَ لَكُمۡ كَيۡدٞ فَكِيدُونِ ٩٣
نسخ
مشاركة
التفسير
فَإِن كَانَ لَكُمۡ كَيۡدٞ فَكِيدُونِ ٩٣
وقوله : ( فإن كان لكم كيد فكيدون ) تهديد شديد ووعيد أكيد ، أي : إن قدرتم على أن تتخلصوا من قبضتي ، وتنجوا من حكمي فافعلوا ، فإنكم لا تقدرون على ذلك ، كما قال تعالى ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ) [ الرحمن : 33 ] ، وقال تعالى : ( ولا تضرونه شيئا ) [ هود : 57 ] وفي الحديث : " يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، ولن تبلغوا ضري فتضروني " .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن المنذر الطريقي الأودي ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا حصين بن عبد الرحمن ، عن حسان بن أبي المخارق ، عن أبي عبد الله الجدلي قال : أتيت بيت المقدس ، فإذا عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو وكعب الأحبار يتحدثون في بيت المقدس ، فقال عبادة : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين بصعيد واحد ، ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي ، ويقول الله : ( هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون ) اليوم لا ينجو مني جبار عنيد ، ولا شيطان مريد ، فقال عبد الله بن عمرو : فإنا نحدث يومئذ أنه يخرج عنق من النار فتنطلق حتى إذا كانت بين ظهراني الناس نادت : أيها الناس ، إني بعثت إلى ثلاثة أنا أعرف بهم من الأب بولده ومن الأخ بأخيه ، لا يغيبهم عني وزر ، ولا تخفيهم عني خافية : الذي جعل مع الله إلها آخر ، وكل جبار عنيد ، وكل شيطان مريد ، فتنطوي عليهم فتقذف بهم في النار قبل الحساب بأربعين سنة .
فَإِن كَانَ لَكُمۡ كَيۡدٞ فَكِيدُونِ ٩٣
فإن كان لكم كيد فكيدون أي حيلة في الخلاص من الهلاك فكيدوني أي فاحتالوا لأنفسكم وقاووني ولن تجدوا ذلك . وقيل : أي فإن كان لكم كيد أي قدرتم على حرب فكيدوني أي حاربوني . كذا روى الضحاك عن ابن عباس . قال : يريد كنتم في الدنيا تحاربون محمدا - صلى الله عليه وسلم - وتحاربونني فاليوم حاربوني . وقيل : أي إنكم كنتم في الدنيا تعملون بالمعاصي وقد عجزتم الآن عنها وعن الدفع عن أنفسكم . وقيل : إنه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فيكون كقول هود : فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون .
فَإِن كَانَ لَكُمۡ كَيۡدٞ فَكِيدُونِ ٩٣
{ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ } تقدرون على الخروج من ملكي وتنجون به من عذابي، { فَكِيدُونِ } أي: ليس لكم قدرة ولا سلطان، كما قال تعالى: { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٠٤
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٠٤
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٠٤
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي .
مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٠٤
ففي ذلك اليوم، تبطل حيل الظالمين، ويضمحل مكرهم وكيدهم، ويستسلمون لعذاب الله، ويبين لهم كذبهم في تكذيبهم { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ }
إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ ١٤
نسخ
مشاركة
التفسير
إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ ١٤
يقول تعالى مخبرا عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات وترك المحرمات إنهم يوم القيامة يكونون في جنات وعيون أي بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من ظل اليحموم وهو الدخان الأسود المنتن.
إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ ١٤
قوله تعالى : إن المتقين في ظلال وعيون أخبر بما يصير إليه المتقون غدا ، والمراد بالظلال ظلال الأشجار وظلال القصور مكان الظل في الشعب الثلاث . وفي سورة يس هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون .وقراءة العامة ( ظلال ) . وقرأ الأعرج والزهري وطلحة ( ظلل ) جمع ظلة يعني في الجنة .
إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ ١٤
لما ذكر عقوبة المكذبين، ذكر ثواب المحسنين، فقال: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ } [أي:] للتكذيب، المتصفين بالتصديق في أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم، ولا يكونون كذلك إلا بأدائهم الواجبات، وتركهم المحرمات.
{ فِي ظِلَالٍ } من كثرة الأشجار المتنوعة، الزاهية البهية. { وَعُيُونٍ } جارية من السلسبيل، والرحيق وغيرهما
وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشۡتَهُونَ ٢٤
نسخ
مشاركة
التفسير
وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشۡتَهُونَ ٢٤
أي من سائر أنواع الثمار مهما طلبوا وجدوا.
وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشۡتَهُونَ ٢٤
وفواكه مما يشتهون أي يتمنون .
وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشۡتَهُونَ ٢٤
{ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ } أي: من خيار الفواكه وطيبها
كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيَٓٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٣٤
نسخ
مشاركة
التفسير
كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيَٓٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٣٤
يقال لهم ذلك على سبيل الإحسان إليهم.
كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيَٓٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٣٤
كلوا واشربوا أي يقال لهم غدا هذا بدل ما يقال للمشركين فإن كان لكم كيد فكيدون . ف " كلوا واشربوا " في موضع الحال من ضمير المتقين في الظرف الذي هو في ظلال أي هم مستقرون في ظلال مقولا لهم ذلك .
كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيَٓٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٣٤
ويقال لهم: { كُلُوا وَاشْرَبُوا } من المآكل الشهية، والأشربة اللذيذة { هَنِيئًا } أي: من غير منغص ولا مكدر، ولا يتم هناؤه حتى يسلم الطعام والشراب من كل آفة ونقص، وحتى يجزموا أنه غير منقطع ولا زائل، { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فأعمالكم هي السبب الموصل لكم إلى هذا النعيم المقيم، وهكذا كل من أحسن في عبادة الله وأحسن إلى عباد الله.
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٤٤
نسخ
مشاركة
التفسير
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٤٤
خبرا مستأنفا أي هذا جزاؤنا لمن أحسن العمل.
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٤٤
إنا كذلك نجزي المحسنين أي نثيب الذين أحسنوا في تصديقهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأعمالهم في الدنيا .
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٤٤
{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } ولو لم يكن لهم من هذا الويل إلا فوات هذا النعيم، لكفى به حرمانا وخسرانا .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٥٤
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٥٤
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٥٤
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي .
مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٥٤
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } بعدما بين الله لهم الآيات، وأراهم العبر والبينات.
كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجۡرِمُونَ ٦٤
نسخ
مشاركة
التفسير
كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجۡرِمُونَ ٦٤
أي مدة قليلة قريبة قصيرة أي ثم تساقون إلى نار جهنم التي تقدم ذكرها.
كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجۡرِمُونَ ٦٤
قوله تعالى : كلوا وتمتعوا قليلا هذا مردود إلى ما تقدم قبل المتقين ، وهو وعيد وتهديد وهو حال من المكذبين أي الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم : كلوا وتمتعوا قليلا .
إنكم مجرمون أي كافرون . وقيل : مكتسبون فعلا يضركم في الآخرة ، من الشرك والمعاصي .
كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجۡرِمُونَ ٦٤
هذا تهديد ووعيد للمكذبين، أنهم وإن أكلوا في الدنيا وشربوا وتمتعوا باللذات، وغفلوا عن القربات، فإنهم مجرمون، يستحقون ما يستحقه المجرمون، فستنقطع عنهم اللذات، وتبقى عليهم التبعات.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٧٤
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٧٤
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٧٤
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٧٤
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } بعدما بين الله لهم الآيات، وأراهم العبر والبينات.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ ٨٤
نسخ
مشاركة
التفسير
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ ٨٤
أي إذا أمر هؤلاء الجهلة من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة امتنعوا من ذلك واستكبروا عنه.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ ٨٤
قوله تعالى : وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون أي إذا قيل لهؤلاء المشركين : اركعوا أي صلوا لا يركعون أي لا يصلون ; قاله مجاهد . وقال مقاتل : نزلت في ثقيف امتنعوا من الصلاة فنزل ذلك فيهم . قال مقاتل : قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أسلموا " وأمرهم بالصلاة فقالوا : لا ننحني فإنها مسبة علينا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود .
يذكر أن مالكا - رحمه الله - دخل المسجد بعد صلاة العصر ، وهو ممن لا يرى الركوع بعد العصر ، فجلس ولم يركع ، فقال له صبي : يا شيخ قم فاركع . فقام فركع ولم يحاجه بما يراه مذهبا ، فقيل له في ذلك ، فقال : خشيت أن أكون من الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون .
وقال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون . قتادة : هذا في الدنيا . ابن العربي : هذه الآية حجة على وجوب الركوع وإنزاله ركنا في الصلاة وقد انعقد الإجماع عليه ، وظن قوم أن هذا إنما يكون في القيامة وليست بدار تكليف فيتوجه فيها أمر يكون عليه ويل وعقاب ، وإنما يدعون إلى السجود كشفا لحال الناس في الدنيا ، فمن كان لله يسجد يمكن من السجود ، ومن كان يسجد رثاء لغيره صار ظهره طبقا واحدا . وقيل : أي إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون ، فهو عام في الصلاة وغيرها وإنما ذكر الصلاة ، لأنها أصل الشرائع بعد التوحيد . وقيل : الأمر بالإيمان لأنها لا تصح من غير إيمان .
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ ٨٤
ومن إجرامهم أنهم إذا أمروا بالصلاة التي هي أشرف العبادات، وقيل لهم: { ارْكَعُوا } امتنعوا من ذلك.
فأي إجرام فوق هذا؟ وأي تكذيب يزيد على هذا ؟"
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٩٤
نسخ
مشاركة
التفسير
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٩٤
أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٩٤
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد .
وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك , وعلى قدر وفاقه وهو قوله : " جزاء وفاقا " .
[ النبأ : 26 ] .
وروي عن النعمان بن بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب .
وقاله ابن عباس وغيره .
قال ابن عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا .
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ] وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة .
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٩٤
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } ومن الويل عليهم أنهم تنسد عليهم أبواب التوفيق، ويحرمون كل خير، فإنهم إذا كذبوا هذا القرآن الكريم، الذي هو أعلى مراتب الصدق واليقين على الإطلاق.
فَبِأَيِّ حَدِيثِۢ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ ٠٥
نسخ
مشاركة
التفسير
فَبِأَيِّ حَدِيثِۢ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ ٠٥
ثم قال : ( فبأي حديث بعده يؤمنون ) ؟ أي : إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن ، فبأي كلام يؤمنون به ؟! كقوله تعالى : ( فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ) [ الجاثية : 6 ] .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أمية : سمعت رجلا أعرابيا بدويا يقول : سمعت أبا هريرة يرويه إذا قرأ : ( والمرسلات عرفا ) فقرأ : ( فبأي حديث بعده يؤمنون ) ؟ فليقل : آمنت بالله وبما أنزل .
وقد تقدم هذا الحديث في سورة " القيامة " .
آخر تفسير سورة " والمرسلات " [ ولله الحمد والمنة ]
فَبِأَيِّ حَدِيثِۢ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ ٠٥
قوله تعالى : فبأي حديث بعده يؤمنون أي إن لم يصدقوا بالقرآن الذي هو المعجز والدلالة على صدق الرسول - عليه السلام - ، فبأي شيء يصدقون ! وكرر : ويل يومئذ للمكذبين لمعنى تكرير التخويف والوعيد . وقيل : ليس بتكرار ، لأنه أراد بكل قول منه غير الذي أراد بالآخر ; كأنه ذكر شيئا فقال : ويل لمن يكذب بهذا ، ثم ذكر شيئا آخر فقال : ويل لمن يكذب بهذا ، ثم ذكر شيئا آخر فقال : ويل لمن يكذب بهذا . ثم كذلك إلى آخرها . ختمت السورة ولله الحمد .
فَبِأَيِّ حَدِيثِۢ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ ٠٥
{ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } أبالباطل الذي هو كاسمه، لا يقوم عليه شبهة فضلا عن الدليل؟ أم بكلام كل مشرك كذاب أفاك مبين ؟.
فليس بعد النور المبين إلا دياجى الظلمات، ولا بعد الصدق الذي قامت الأدلة والبراهين على صدقه إلا الكذب الصراح والإفك المبين ، الذي لا يليق إلا بمن يناسبه.
فتبا لهم ما أعماهم! وويحا لهم ما أخسرهم وأشقاهم !
نسأل الله العفو والعافية [إنه جواد كريم. تمت].
صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم